الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***
الجزء الأول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وبه نستعين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين قال أحمد: أقول وبالله التوفيق: إنَّ لِلُغةِ العرب مقاييسَ صحيحةً، وأصولاً تتفرّع منها فروع. وقد ألَّف النَّاسُ في جوامع اللغة ما ألَّفوا، ولم يُعربوا في شيءٍ من ذلك عن مقياس من تلك المقاييس، ولا أصل من الأصول. والذي أوْمَأْنا إليه بابٌ من العلم جليلٌ، وله خطرٌ عظيمٌ. وقد صدَّرْنا كلَّ فصل بأصله الذي يتفرّع منه مسائلُه، حتى تكونَ الجملةُ الموجَزةُ شاملةً للتَّفصيل، ويكونَ المجيبُ عما يُسألُ عنه مجيباً عن الباب المبسوطِ بأوجزِ لفظٍ وأقربِه. وبناءُ الأمرِ في سائر ما ذكرناه على كتبٍ مشتهرة عالية، تحوي أكثرَ اللُّغة. فأعلاها وأشرفُها كتابُ أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد، المسمَّى (كتاب العين) أخبرَنا به عليُّ بن إبراهيم القَطَّان، فيما قرأت عليه، أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم المَعْدَانيّ، عن أبيه إبراهيم بن إسحاقعن بُنْدَار بن لِزَّة الأصفهاني، ومعروف بن حسان عن الليثِ، عن الخليل. ومنها كتابا أبي عُبيدٍ في (غريب الحديث)، و(مصنَّف الغريب) حدَّثنا بهما علي بن عبد العزيز عن أبي عُبيدٍ. ومنها (كتاب المنطق) وأخبرني به فارس بن زكريا عن أبي نصر ابن أختِ الليثِ بن إدريس، عن الليثِ، عن ابن السكِّيتِ. ومنها كتاب أبي بكر بن دريد المسمّى (الجمهرة)؛ وأخبرنا به أبو بكر محمد بن أحمد الأصفهاني، وعلي بن أحمد الساويّ عن أبي بكر. فهذه الكتبُ الخمسةُ معتمَدُنا فيما استنبَطناه من مقاييس اللغة، وما بعدَ هذِه الكتبِ فمحمولٌ عليها، وراجعٌ إليها؛ حتى إذا وقع الشيءُ النادر نَصَصْناه إلى قائله إن شاء الله. فأوَّلُ ذلك:
(أبّ) اعلم أن للهمزة والباء في المضاعف أصلين: أحدهما المرعَى، والآخر القَصْدَ والتهيُّؤ. أما الأول فقول الله عزّ وجلّ: {وفَاكِهَةً وَأَبّاً} [عبس 31]، قال أبو زيد الأنصاريّ: لم أسمع للأبِّ ذكراً إلاّ في القرآن. قال الخليل وأبو زيد: الأبُّ: المرعى، بوزن فَعْل. وأنشدَ ابنُ دريد: جِذْمُنا قيسٌ ونجدٌ دارُنا *** ولنا الأبُّ به والمَكْرَعُ وأنشدَ شُبيل بن عَزْرَة لأبي دُواد: يَرعى بروْضِ الحَزْنِ من أبِّهِ *** قُريانه في عانةٍ تصحبُ أي تحفظ. يقال: صَحِبَكَ الله أي حفِظك. قال أبو إسحاق الزجَّاج: الأبّ جميع الكلأ الذي تعتلفه الماشية، كذا رُوِيَ عن ابن عبّاس رضي الله عنه. فهذا أصلٌ وأما الثاني فقال الخليل وابن دُريد: الأبّ مصدر أبَّ فلانٌ إلى سيفه إذا ردَّ يدَه إليه ليستلّه. الأبّ في قول ابن دريد: النزاع إلى الوطن، والأبّ في روايتهما التهيّؤ للمسير. وقال الخليل وحدَه: أبّ هذا الشيءُ، إذا تهيّأ واستقامت طريقته إبابةً. وأنشد للأعشى: صَرَمْتُ ولم أصرمْكُمُ وكصارمٍ *** أخٌ قَدْ طوى كشحاً وأبّ ليذْهَبا وقال هشام بن عقُبة في الإبابة: وأبّ ذُو المحضَرِ البَادِي إبابَتَهُ *** وقوّضَتْ نِيّةٌ أطنَابَ تَخْييمِ وذكر ناسٌ أنّ الظِّبَاء لا ترِدُ ولا يُعرَف لها وِرد. قالوا: ولذلك قالت العَرَب في الظِّبَاء: "إن وَجَدَتْ فلا عَبَاب، وإن عَدِمت فلا أَباب"، معناه إنْ وجدَتْ ماءً لم تعُبَّ فيه، وإن لم تجِدْه لم تأبُبْ لطلبهِ. والله أعلم بصحّة ذلك. والأبّ: القصدُ، يقال أببت أبّه، وأممت أمَّهُ، وحَمَمت حمَّهُ، وحرَدْتُ حردهُ، وصمَدتُ صَمْده. قال الراجز يصفُ ذئباً: مَرَّ مُدِلٍّ كرِشاء الغَرْبِ *** فأبَّ أَبَّ غنَمِي وأبِّي أي قصدَ قصْدَها وقصدِي. (أتّ) قال ابن دريد: أتّه يؤتُّه، إذا غلبه بالكلام، أو بكته بالحجة، ولم يأت في الباب غيرُ هذا، وأحسب الهمزة منقلبة عن عين. (أثّ) هذا بابٌ يتفرع من الاجتماع واللين، وهو أصلٌ واحد. قال ابن دريد: أثّ النبتُ أثّاً إذا كثُر. ونبتٌ أثيث، وكلُّ شيء موطّأٍ أثيثٌ، وقد أُثِّثَ تأثيثاً. وأثاث البيت من هذا، يقال إنّ واحده أثاثة، ويقال لا واحدَ له من لفظه. وقال الرّاجز في الأثيث: يَخْبِطنَ منه نبتَه الأثيثا *** حَتّى ترى قائِمَه جثيثا أي مجثوثاً مقلوعاً. ويقال نساءٌ أثائث، وثيرات اللحم. وأنشد: ومِنْ هَوَايَ الرُّجُحُ الأثائثُ *** تُمِيلُهَا أعجازُها الأواعِثُ وفي الأثاث يقول الثقفي: أشاقَتْكَ الظَّعائنُ يومَ بانُوا *** بذي الزّيِّ الجميلِ من الأثاثِ (أجّ) وأما الهمزة والجيم فلها أصلان: الحَفيف، والشدّة إمّا حرّاً وإمّا ملوحة. وبيان ذلك قولهم أجَّ الظليمُ إذا عدا أجيجاً وأجّاً، وذلك إذا سمعت حَفيفه في عَدْوه. والأجيج: أجيج الكير من حفيف النّار. قال الشاعرُ يصف ناقة: فراحتْ وأطرافُ الصُّوَى مُحزئلّةٌ *** تئجُّ كما أجّ الظّليمُ المفَزَّعُ وقال آخر يصف فرساً: كأنَّ تردُّدَ أنفاسِه *** أجيجُ ضِرامٍ زَفَتْهُ الشَّمالُ وأجَّةُ القومِ: حفيفُ مشيِهم واختلاطُ كلامِهم، كلُّ ذلك عن ابن دريد. والماء الأُجاج: الملح. وقال قومٌ: الأجاج: الحارّ المشتعل المتوَهِّج، وهو من تأجّجَت النار. والأجَّة: شدّة الحرّ، يقال منه ائتج النّهار ائتجاجاً. قال حُميد: * ولهَبُ الفِتنةِ ذو ائتجاجِ * وقال ذو الرُّمّة في الأجّة: حتَّى إذا مَعْمعانُ الصَّيف هبَّ لـه *** بأجَّةٍ نشَّ عنها الماءُ والرُّطُبُ وقال عُبيد بن أيوب العنبريّ يرثي ابنَ عمٍّ له: وغبتُ فلم أشْهَدْ ولو كنتُ شاهداً *** لخفّفَ عَنّي من أجيجِ فؤادِيَا (أَحّ) وللهمزة والحاء أصلٌ واحد، وهو حكاية السُّعال وما أشبهه من عطَشٍ وغيظٍ، وكلُّه قريبٌ بعضه من بعض. قال الكسائيّ: في قلبي عليه أُحاح أي إحنةٌ وعَداوة. قال الفرّاء: الأُحاح العطش. قال ابن دريد: سمعتُ لفلان أُحاحا وأحيحاً، إذا توجَّعَ من غيظٍ أو حُزن. وأنشد: * يطوي الحيازيمَ على أُحاحِ * وأحيحة اسم رجلٍ، مشتقٌّ من ذلك. ويقال في حكاية السُّعال أحّ أحّاً. قال: يَكادُ مِنْ تنحنُحٍ وأَحِّ *** يَحكي سُعالَ الشَّرِق الأبَحِّ وذكر بعضهم أنّه ممدودٌ: آح. وأنشد: كأنّ صوتَ شَخْبِها المُمتاحِ *** سُعالُ شيخٍ من بني الجُلاحِ يقولُ مِن بَعْدِ السُّعالِ آحِ (أخّ) وأما الهمزة والخاء فأصلان: [أحدهما] تأوُّه أو تكرُّه، والأصل الآخَر طعامٌ بعينه. قال ابن دُريد: أَخِّ كلمة تقال عند التأوُّه، وأحسبُها مُحدَثة. ويقال إنّ أخِّ كلمة تقال عند التكرُّه للشيء. وأنشد: * وكانَ وصْلُ الغانيات أخَّا * وكانت دَخْتَنُوس بنتُ لَقيطٍ، عند عمرو بن عمرو بن عُدُس، وهو شيخٌ كبير، فوضع رأسَه في حجرها فنفخ كما ينفخ النائم، فقال أخِّ! فقالت أخِّ واللهِ منك! وذلك بسَمْعه، ففتح عينيه وطلّقها، فتزوّجها عمرو بن معبد بن زُرارة، وأغارت عليهم خيلٌ لبكر بن وائل فأخذوها* فيمن أُخذ، فركب الحيُّ ولحق عمرُو بنُ عمروٍ فطاعَنَ دونَها حتى أخَذَها، وقال وهو راجعٌ بها: أيَّ زَوْجَيكِ رأيتِ خَيْراً *** أألعظيمُ فَيْشةً وأيرَا أم الذي يأتِي الكُماةَ سَيْرَا
فقالت: ذاك في ذاك، وهذا في هذا. والأَخيخة: دقيقٌ يصبُّ عليه ماء فيُبرَق بزيتٍ أو سمن ويُشْرَب. قال: * تجَشُّؤ الشيخِ عن الأخِيخهْ * (أدّ) وأمّا الهمزة والدال في المضاعف فأصلان: أحدهما عِظَم الشيء وشدّته وتكرُّره، والآخر النُّدود. فأمّا الأوّل فالإِدُّ، وهو الأمر العظيم. قال الله تعالى: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إدّاً} [مريم 89]، أي عظيماً من الكفر. وأنشد ابنُ دريد: يا أُمّتَا رَكبتُ أمراً إدّا *** رأيتُ مَشْبوحَ اليدينِ نَهْدَا أبيض وضاحَ الجَبين نَجْدَا *** فَنِلتُ منه رشَفاً وبَرْدَا وأنشد الخليل: ونتّقِي الفحشاءَ والنَّآطِلا *** والإدَدَ الإداد والعَضائلا ويقال أدّتِ الناقة، إذا رجّعت حَنينَها. والأَدُّ: القُوّة، قاله ابن دريد وأنشد: من بَعدِ ما كنتُ صُمُلاًّ نَهْدَا *** نَضَوْنَ عَنّى شِرَّةً وأَدَّا فهذا الأصل الأوَّل. وأمَّا الثاني فقال ابن دريد: أدَّتِ الإبل، إذا نَدّت. وأما أُدُّ بن طابخة بن إلياس بن مضر فقال ابن دريد: الهمزة في أدّ واوٌ، لأنه من الوُدّ وقد ذكر في بابه. (أذّ) وأما الهمزة والذال فليس بأصلٍ، وذلك أنّ الهمزة فيه محوَّلة من هاء، وقد ذكر في الهاء. قال ابن دريد: أذَّ يَؤُذُّ أذّا: قطع، مثل هَذَّ. وشَفْرةٌ أذُوذٌ: قَطّاعة. أنشد المفضّل: يَؤُذُّ بالشَّفْرَةِ أيَّ أذِّ *** مِنْ قَمَعٍ ومَأْنَةٍ وفَلْذِ (أرّ) أصلُ هذا البابِ واحد، وهو هَيْج الشيء بتَذكيةٍ وحَمْيٍ، فالأرُّ: الجِماع، يقال أرَّها يؤُرُّها أرّاً، والمِئَرُّ: الكثير الجماع. قال الأغلب: ضَخْمَ الكراديس وَأَىً زِبرَّا *** بَلَّتْ به عُلابِطاً مِئَرَّا
والأرُّ: إيقاد النار، يقال أرَّ الرجلُ النَّارَ إذا أوقدها. أنشدنا أبو الحسن علي ابن إبراهيم القطّان، قال أملى علينا ثعلبٌ: قد هاج سار لسارِي ليلةٍ طربا *** وقد تصَرَّم أو قد كاد أو ذَهباً كأنَّ حِيريّةً غَيْرَى مُلاَحِيَةً *** باتَتْ تَؤُرُّ به من تَحتِه لَهَبَا
والأرُّ أن تُعالج الناقة إذا انقطع وِلادها، وهو أنْ يُؤخذَ غصنٌ من شوك قَتَادٍ فيُبلَّ ثم يذرَّ عليه مِلح فيُؤَرّ به حياؤُها حتّى يَدْمى، يقال ناقة مأرورة، وذلك الذي تعالج به هو الإرَار. (أزّ) والهمزة والزاء يدلّ على التحرّك والتحريك والإزعاج. قال الخليل: الأزُّ: حمل الإنسانِ الإنسانَ على الأمرِ برفقٍ واحتيال. الشيطان يؤزّ الإنسانَ على المعصية أزّاً. قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أنَّا أرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} [مريم 83]. قال أهل التفسير: تُزعجهم إزعاجاً. وأنشد ابن دريد: لا يأخُذُ التَّأفِيكُ والتّحَزّي *** فينا ولا طَيْخُ العِدَى ذو الأزِّ قال ابنُ الأعرابيّ: الأزّ حلْب النّاقة بشدة. وأنشد: شديدة أزِّ الآخِرَينِ كأنّهَا *** إذا ابتَدَّها العِلجانِ زجْلَةُ قافِلِ قال أبو عبيد: الأزّ ضم الشّيء إلى الشيء. قال الخليل: الأزّ غلَيان القِدر، وهو الأزيز أيضاً، وفي الحديث: "كان يصلّي ولِجَوفه أزيزٌ كأزيز المِرجَل من البكاء". قال أبو زيد: الأزّ صوتُ الرعد، يقال أزّ يئزُّ أزَّاً وأزيزاً. قال أبو حاتم: والأزيز القُرّ الشّديد، يقال ليلةٌ ذات أزيزٍ ولا يقال يومٌ ذو أزيز. قال: والأزيز شدّة السير، يقال أزَّتْنا الرِّيح أي ساقتنا. قال ابن دريد: بيت أَزَزٌ، إذا امتلأ ناساً. (أسّ) الهمزة والسين يدلّ على الأصل والشيء الوطيد الثابت، فالأُسّ أصل البناء، وجمعه آساس، ويقال للواحد أساس بقصر الألف، والجمع أُسُسٌ. قالوا: الأُسُّ أصل الرجل، والأسُّ وجْه الدهر، ويقولون كان ذلك على أُسّ الدّهر. قال الكذّاب الحِرْمازيّ: وأسُّ مَجْدٍ ثابتٌ وطيدُ *** *نال السماءَ فرعُه المديدُ فأمّا الآس فليس هذا بابه، وقد ذكر في موضعه. (أشّ) الهمزة والشين يدل على الحركةِ للِّقاء. قال ابن دريد: أشَّ القوم يَؤشُّون أشَّاً، إذا قام بعضهم إلى بعضٍ للشرّ لا للخير. وقال غيره: الأشاش مثل الهَشَاش. وفي الحديث: "كان إذا رأى من أصحابه بعضَ الأشاش وعَظَهُم". (أصّ) وأما الهمزة والصاد فله معنيان، أحدهما أصل الشيء ومجتمعه، والأصل الآخر الرِّعدة. قال أهل اللغة: الإصّ الأصل. ويقال للناقة المجتمعة الخلق أَصُوصٌ. وجمع الإصِّ الذي هو الأصل آصاص. قال: قِلالُ مَجْدٍ فَرّعَت آصاصا *** وعزةٌ قعساءُ لا تُناصى
والأصيص: أصل الدنّ يجعل فيه شراب. قال عديّ: * مَتَى أرى شَرْباً حَوَالَيْ أصيصْ * فهذا أصل. وأما الآخر فقالوا: أفْلَتَ فلان وله أصِيص، أي رِعدةٌ. (أضّ) وللهمزة والضاد معنيان: الاضطرار والكسر، وهما متقاربان. قال ابن دريد: أضَّني إلى كذا [وكذا] يؤُضُّني أضّاً، إذا اضطرّني إليه. قال رؤبة: * وهي تَرَى ذا حاجةٍ مؤْتَضّا * أي مضطرّا. قال: والأضّ أيضاً الكسر، يقال أضه مثل هَضّه سواء. وحكى أبو زيد الأَضاضة: الاضطرار. قال: زمانَ لم أخالِفِ الأضاضَهْ *** أكحلُ ما في عينهِ بيَاضَهْ (أطّ) وللهمزة والطاء معنىً واحد، وهو صوت الشيء إذا حنّ وأَنْقَض، يقال أطَّ الرَّحْل يئط أطيطا، وذلك إذا كان جديداً فسمعتَ له صريراً. وكلُّ صوتٍ أشبَهَ ذلك فهو أطيط. قال الرّاجز: يَطحَِرْنَ ساعاتِ إنَى الغَبُوقِ *** من كِظَّةِ الأَطَّاطة السَّنُوقِ
يصف إبلاً امتلأَتْ بطونُها. يَطحَرْن: يتنفَّسْنَ تنفُّساً شديداً كالأنين. والإنَى: وقت الشُّرب عشيّاً. والأطّاطة: التي تسمع لها صوتاً. وفي الحديث: "حتى يُسمعَ أطيطُه من الزِّحام"، يعني باب الجّنة ويقال أطّتِ الشجرة: إذا حنَّت. قال الراجز: قد عَرَفَتْني سِدرتي وأطَّتِ*** وَقد شَمِطْتُ بَعدَها واشمَطَّتِ
(أفّ) وأما الهمزة والفاء في المضاعف فمعنيان، أحدهما تكرُّهُ الشيء، والآخَر الوقت الحاضر. قال ابن دريد: أفَّ يؤفُّ أفّاً، إذا تأفَّف من كرب أو ضَجَر، وَرجلٌ أفّافٌ كثير التأفّف. قال الفراء: أُفِّ خفضاً بغير نون، وأُفٍّ خفضاً مع النون، وذلك أنه صوت، كما تخفض الأصوات فيقال طاقِ طاقِ. ومن العرب من يقول أفُّ له. قال: وقد قال بعضُ العرب: لا تقولن له أُفّاً ولا تُفّاً، يجعله كالاسم. قال: والعرب تقول: جعل يتأفّف من ريحٍ وجَدَها ويتأفّف من الشدّة تُلِمّ به. وقال متمّم بن نُويرة، حين سأله عُمرُ عن أخيه مالكٍ، فقال: "كان يركَبُ الجَمَل الثَّفَال، ويقتاد الفرسَ البطيء، ويكتفل الرُّمْح الخطِل، ويلبس الشَّملة الفَلوت، بين سَطِيحتين نَضُوحين، في الليل البليل، ويُصَبِّحُ الحيَّ ضاحكاً لا يتأنَّنُ ولا يتأفَّف". قال الخليل: الأُفُّ والتُّفُّ، أحدهما وسخ الأظفار، والآخر وسخ الأُذن. قال: * عليهم اللّعنةُ والتأفيفُ * قال ابنُ الأعرابي: يقال أفّاً له وتُفّاً وأُفّةً لَهُ وتُفَّةً. قال ابن الأعرابيّ: الأفَف الضّجر. ومن هذا القياس اليأفوف: الحديدُ القلب. والمعنى الآخر قولهم: جاء على تَئِفّة ذاك وأفَفِه وإفّانِهِ، أي حينه. قال: * على إفِّ هِجرانٍ وساعةِ خَلْوةٍ * (أكّ) وأمّا الهمزة والكاف فمعنى الشدَّة من حرٍّ وغيره. قال ابن السِّكّيت: الأَكّة الحرّ المحتدم، يقال أصابتنا أكّةٌ من حرٍّ، وهذا يومٌ أكٌّ ويوم ذو أكٍّ. قال ابن الأعرابيّ: الأَكّة سوء خُلُق وضِيق نَفْس. وأنشدَ: إذا الشَّريبُ أخذتْه أكّهْ*** فَخَلِّهِ حَتّى يَبكّ بَكَّهْ
قال ابنُ الأعرابيّ: ائتكّ الرجل، إذا اصطكّتْ رجلاه. قال: * في رِجْلِه من نَعْظِهِ ائتكاكُ * قال الخليل: الأكّة الشديدة من شدَائدِ الدهر، وقد ائتكّ فلانٌ من أمرٍ أرمَضَه ائتكاكا. قال ابن دريد: يومٌ عكٌّ أكٌّ، وعكيكٌ أكيكٌ، وذلك من شدّة الحر. (ألّ) والهمزة واللام في المضاعف ثلاثة أصول: اللّمعان في اهتزاز، والصّوت، والسّبَب يحافَظ عليه. قال الخليل وابن دريد: ألّ* الشيءُ، إذا لمع. قال ابن دريد: وسمِّيت الحربة ألّة للمعانها. وألَّ الفرسُ يئل ألاّ، إذا اضطرب في مشيه. وألّت فرائصُه إذَا لمَعتْ في عَدْوه. قال: حتّى رَمَيتُ بها يئِلُّ فريصُها *** وكأنَّ صَهْوَتَهَا مَدَاكُ رُخامِ وألّ الرّجلُ في مِشْيته اهتزّ. قال الخليل: الأَلّة الحربة، والجمع إلالٌ. قال: يُضيءُ رَبابُه في المُزْن حُبْشاً *** قياماً بالحِراب وبالإلالِ ويقال للحربة الأليلة أيضاً والأَليل. قال: يُحامِي عن ذِمار بني أبيكم *** ويطعن بالأَليلة والأليلِ قال: وسمّيت الألّةَ لأنها دقيقة الرأس. وألّ الرجل بالألّة أي طعن. وقيل لامرأةٍ من العرب قد أُهْترَت: إنّ فلاناً أرسل يخطُبك. فقالت: أَمُعْجِلي أَنْ أَدَّرِيَ وأَدَّهِن، ما لَـه غُلَّ وأُلَّ! قال: والتأليل تحريفك الشيء، كرأس القلم. والمؤلَّل أيضاً المُحدَّد. يقال أذُنٌ مؤلّلة أي محدّدة، قال طرفة: مؤلّلتان تَعْرِفُ العِتْق فيهما *** كسامعتَيْ شاةٍ بحومَلَ مُفْرَدِ وأذن مألولةٌ وفرَسٌ مألول. قال: * مألولة الأُذْنَين كَحْلاَء العَيْن * ويقال يومٌ أليلٌ لليومِ الشديد. قال الأفوهُ: بكلِّ فتىً رَحيبِ الباعِ يسمُو *** إلى الغاراتِ في اليوم الأليلِ قال الخليل: والأَلَلُ والألَلاَنِ: وجها السكين ووجها كلِّ عريض. قال الفرّاء: ومنه يقال لِلَّحمتين المطابقتين بينهما فجوة يكونان في الكتف إذا قشرت إحداهما عن الأخرى سال من بينهما ماء: ألَلاَنِ. وقالت امرأةٌ لجارتها: لا تُهْدِي لضَرّتِكِ الكَتِفَ، فإن الماءَ يجري بين أَلَليْها. أي أَهْدِي شرّاً منها. وأمّا الصوت فقالوا في قوله: وطعَن تُكثِر الألَلَيْنِ مِنهُ *** فَتاةُ الحيّ تُتْبِعُهُ الرّنينا إنّه حكاية صوت المولول. قال: والأليل الأنين في قوله: * إمَّا ترَيْني تُكثِري الأَليلا * وقال ابن ميّادة: وقُولا لها ما تأمُرِينَ بوامقٍ *** لَهُ بعدَ نَوْمات العُيونِ أَلِيلُ قال ابن الأعرابيّ: في جوفِه أليلٌ وصليل. وسمعت أليل الماء أي صوته. وقيل الأليلةُ الثُّكْل. وأنشد: وليَ الأَليلةُ إن قتلت خُؤُولتي *** ولِيَ الأليلةُ إن همُ لم يُقْتَلوا قالوا: ورجل مِئَلّ، أي كَثير الكلام وَقّاعٌ في الناس. قال الفرَّاءُ: الألُّ رفع الصوت بالدُّعاء والبكاء، يقال منه ألّ يئِلُّ أليلا. وفي الحديث: "عجِبَ ربُّكم من أَلِّكم وقُنوطكم وسرعةِ إجابته إيّاكم". وأنشدوا للكميت: وأنتَ ما أنتَ في غبراءَ مُظلمَةٍ *** إذا دَعَت ألَلَيْهَا الكاعبُ الفُضُلُ والمعنى الثالث الإلُّ الرُّبوبية. وقال أبو بكرٍ لمّا ذُكِرَ له كلامُ مسيلمة: "ما خرج هذا من إلٍّ" وقال الله تعالى: {لا يَرْقُبُونَ في مُؤْمِنٍ إلاًّ ولاَ ذِمَّةً} [التوبة 10]. قال المفسرون: الإلُّ الله جلّ ثناؤه. وقال قوم: هي قُرْبى الرّحِم. قال: هم قطَعُوا منْ إلِّ ما كانَ بيننا *** عُقوقاً ولم يُوفُوا بعهدٍ ولا ذِمَمْ قال ابنُ الأعرابيّ: الإلُّ كلُّ سبب بين اثنين. وأنشد: لعمرك إنّ إِلّكَ في قرَيش *** كإلِّ السَّقبِ مِنْ رَألِ النَّعامِ
والإلّ: العهد. ومما شذَّ عن هذه الأصول قولهم ألِلَ السّقاءُ تغيّرت رائحته. ويمكن أن يكون من أحد الثلاثة؛ لأنّ ابْنَ الأعرابيّ ذكرَ أنه الذي فَسَدَ ألَلاَهُ، وهو أن يدخل الماءُ بين الأديم والبشَرة، قال ابن دريد: قد خفّفت العَرَبُ الإلَّ. قال الأعشى: أبيض لا يرهبُ الهُزَالَ ولا *** يَقْطَعُ رِحْماً وَلا يخُونُ إلاَ
(أمّ) وأمّا الهمزة والميم فأصلٌ واحدٌ، يتفرّع منه أربع أبواب، وهي الأصل، والمرجِع، والجماعة، والدِّين، وهذه الأربعة متقاربة، وبعد ذلك أصولٌ ثلاثة، وهي القامة، والحين، والقَصْد، قال الخليل: الأُمّ الواحدُ والجمع أمّهات، وربما قالوا أمٌّ وأمَّات. قال شاعرٌ وجَمَع بين اللّغَتين: إذا الأُمَّهات قَبَحْنَ الوجوهُ *** فرَجْتَ الظّلامَ بأُمّاتِكا وقال الرَّاعي: * أمّاتهُنّ وطَرْقُهُنّ فَحِيلا * وتقول العَرَب: "لا أمَّ له" في المدح والذمّ جميعاً. قال أبو عبيدة: ما كنتِ أمّاً ولقد أمَمْتِ أُمُومةً. وفلانةُ تؤمُّ فلاناً أي تغذوه، أي تكون لـهُ أمّاً* تغذوه وتربيّه. قال: نؤمُّهُمُ ونأْبُوهُمْ جميعاً *** كما قُدَّ السُّيورُ من الأديمِ أي نكون لهم أمهاتٍ وآباءٍ. وأنشد: اطلُبْ أبا نَخْلةَ من يأبوكا *** فكلهم ينْفِيك عن أبيكا
وتقول أمٌّ وأمّةٌ بالهاء. قال: تَقَبّلتَها من أُمَّةٍ لَكَ طالما *** تُنُوزِعَ في الأسواقِ عنها خِمارُها قال الخليل: كلُّ شيءٍ يُضّمُّ إليه ما سواه مما يليه فإنّ العربَ تسمّي ذلك الشيءَ أُمّاً. ومن ذلك أُمُّ الرأس وهو الدّماغ. تقول أممْت فلاناً بالسيّف والعَصا أمّاً، إذا ضربته ضربةً تصل إلى الدماغ. والأميم: المأموم، وهي أيضاً الحجارة التي تُشْدَخ بها الرؤوس؛ قال: * بالمنْجَنيقاتِ وبالأمائِمِ * والشّجةُ الآمّة: التي تبلغ أُمَّ الدماغ، وهي المأمومة أيضاً. قال: يحُجُّ مأمُومةً في قَعْرِها لَجَفٌ *** فاستُ الطّبِيبِ قَذَاها كالمغَاريدِ قال أبو حاتم: بعيرٌ مأموم، إذا أُخرِجت من ظهره عظامٌ فذهبَت قَمعَتُه. قال: * ليس بمأمومٍ ولا أَجَبِّ * قال الخليل: أمّ التّنائف أشدُّها وأبعدها. وأُمُّ القرى: مكّة؛ وكلُّ مدينةٍ هي أمُّ ما حولها من القُرى، وكذلك أمُّ رُحْمٍ. وأمُّ القُرآن: فاتحة الكتاب. وأمُّ الكتاب: ما في اللّوح المحفوظ. وأمّ الرّمح: لواؤه وما لُفَّ عليه. قال: وسلبنَ الرُّمْحَ فيه أُمُّهُ *** مِنْ يدِ العاصي وما طال الطِّوَلْ وتقول العَرَبُ للمَرأَة التي يُنْزَل عليها: أمُّ مَثْوىً، وللرّجُل أبو مَثْوىً. قال ابن الأعرابيّ: أمَّ مِرزَم الشَّمال، قال: إذا هو أمسى بالحَِلاءَة شاتياً *** تُقَشِّرُ أَعْلى أَنفِهِ أُمُّ مِرزَمِ وأم كلْبَةٍ الحمَّى. ففيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لزيد الخليل: "أَبْرَحَ فتىً إنْ نجا مِنْ أُمِّ كَلْبة". وكذلك أمُّ مِلْدَم. وأمُّ النُّجوم: السّماء. قال تأبّط شرّاً: يرى الوَحْشَةَ الأُنس الأَنيسَ ويهتدي *** بحيث اهتدت أُمُّ النُّجومِ الشّوَابِكِ أخبرنا أبو بكرٍ بن السُّنِّى، أخبرنا الحسين بن مسبّح، عن أبي حنيفة قال: أُمُّ النجوم المجرّة، لأنّه ليس مِنْ السماء بقعَةٌ أكثرَ عددَ كواكبَ منها، قال تأبَّطَ شرّاً، وقد ذكرنا البيت. وقال ذو الرُّمّة: بشعثٍ يَشُجُّون الفَلا في رؤوسهِ *** إذا حَوَّلَت أُمُّ النُّجومِ الشَّوابِكِ حوَّلت يريدُ أنّها تنحرِف. وأمُّ كفاتٍ: الأرض. وأمُّ القُراد، في مؤخّر الرُّسغ فوق الخُفِّ، وهي التي تجتمع فيها القِرْدان كالسّكُرُّجة. قال أبو النجم: * للأرض مِنْ أُمِّ القُرادِ الأَطحلِ * وأمُّ الصّدى هي أُمُّ الدِّماغ. وأم عُوَيفٍ: دويْـبّةٌ منَقّطة إذا رأت الإنسان قامت على ذنَبها ونشرت أجنحتها، يُضرَبُ بها المثلُ في الجبن. قال: يا أُمَّ عَوفٍ نَشِّري بُردَيْكْ *** إنّ الأميرَ واقفٌ عليكْ ويقال هي الجرَادة. وأمُّ حُمارِسٍ دويْـبّة سوداء كثيرة القوائم. وأم صَبُّور: الأمرُ الملتبِس، ويقال هي الهضَبَة التي ليس لها منفذ. وأمّ غيْلان: شجرةٌ كثيرة الشوك. وَأُمُّ اللُّهيم: المنِيّة. وأمُّ حُبَيْنٍ: دابّة. وأمُّ الطّريق: مُعظَمه. وأمُّ وَحْشٍ: المفازة، وكذلك أُمُّ الظِّباء. قال: وهانت على أمِّ الظباء بحاجتي *** إذا أرسلت ترباً عليه سَحُوق وأُمُّ صَبَّار: الحَرَّة قال النّابغة: تُدافِعُ النّاسَ عَنَّا حينَ نَرْكَبُها *** من المَظالم تُدعَى أُمَّ صَبّارِ وأمُّ عامرٍ، وأم الطريق: الضَّبع. قال يعقوب: أمُّ أوعالٍ: هضبة بعينها. قال: * وأمَّ أوعالٍ كَهَا أَو أَقْرَبا * وأُمُّ الكفّ: اليدِ. قال: * ليس له في أُمِّ كفٍّ إصبَعُ * وأمُّ البَيض: النّعامة. قال أبو دُؤاد: وأتانَا يَسْعَى تفرُّشَ أمِّ الـ *** بيض… وأمُّ عامرٍ: المفازة. وأمّ كليبٍ: شجيرة لها نَوْر أصفر. وأمُّ عِرْيَط: العقربُ. وأمُّ النّدامة: العَجَلة. وأمّ قَشْعَمٍ، وأمُّ خَشّاف، وأمّ الرَّقوبِ، وأمُّ الرَّقِم، وأمُّ أرَيق، وأمّ رُبَيْق، وأمُّ جُنْدَبٍ، وأمّ البَليل، وأمَ الرُّبيس، وأم حَبَوْكرَى، وأمّ أدرصٍ، وأمّ نآدٍ، كلها كُنَى الدّاهية. *وأمّ فَرْوة: النَّعجة. وأمُّ سُوَيد وأمّ عِزْم: سافلة الإنسان. وأمُّ جابر: إيادٌ. وأمُّ شَمْلَة: الشَّمال الباردة. وأُمُّ غِرْس: الرَّكية. وأمُّ خُرْمانَ: طريق. وأم الهشيمة: شجرةٌ عظيمة مِنْ يابس الشّجَر. قال الفرزدق يصفُ قِدْراً: إذا أطْعِمَتْ أمَّ الهشيمة أرْزَمَتْ *** كما أرزَمَتْ أمُّ الحُِوَارِ المجلَّدِ وأمُّ الطعّام: البَطْن. قال: ربيَّتُه وهو مثلُ الفرخ أعْظَمُهُ *** أمُّ الطعَامِ ترَى في جِلْدِهِ زَغَبَا قال الخليل: الأمَّة: الدِّين، قال الله تعالى: {إنّا وَجَدْنا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف 22]. وحكى أبو زيدٍ: لا أمَّة له، أي لا دينَ له. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زيد بن عمرو بن نُفَيْل: "يُبْعَثُ أمَّةً وحْدَهُ". وكذلك كلُّ مَنْ كان على دينٍ حقٍّ مخالفٍ لسائر الأديان فهو أمَّة. وكلُّ قوم نُسبوا إلى شيءٍ وأُضيفوا إليه فهم أمَّة، وكلُّ جيل من النّاس أمّةٌ على حِدَة. وفي الحديث: "لولا أنّ هذه الكلابَ أمّةٌ من الأمم لأمرْتُ بقتلها، ولكن اقتُلُوا منها كلّ أسوَدَ بَهيم". فأمّا قولـه تعالى: {كانَ النّاسُ أمّةً واحِدَةً} [البقرة 213]، فقيل كانوا كفّاراً فبعثَ اللهُ النبيّين مبشّرين ومنذرين. وقيل: بل كان جميعُ مَنْ مع نوحٍ عليه السلام في السفينة مؤمناً ثمّ تفرقوا. وقيل: {إنَّ إبراهيمَ كانَ أُمَّةً} [النحل 120]، أي إماماً يُهتدَى به، وهو سبب الاجتماع. وقد تكون الأمَّة جماعة العلماء، كقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيرِ} [آل عمران 104]، وقال الخليل: الأمّة القامَة، تقول العَرَب إنّ فلاناً لَطويل الأُمّة، وهم طِوال الأمَم، قال الأعشى: وإنَّ مُعاويَة الأكرَمِينَ *** حِسانُ الوُجوهِ طِوالُ الأمَمْ قال الكسائيّ: أمَّة الرجل بَدَنه ووجْهه. قال ابن الأعرابيّ: الأمّة الطاعة، والرّجلُ العالم. قال أبو زيد: يقال إنّه لحسَنُ أمّة الوجْه، يغْزُون السّنّة. ولا أمّة لبني فلانٍ، أي ليس لهم وجه يقصِدون إليه لكنهم يخبِطُون خَبْط عَشْواءَ. قال اللِّحيانيّ: ما أحسن أمّته أي خَلْقه. قال أبو عُبيد: الأمّيّ في اللغة المنسوبُ إلى ما عليه جبلة الناس لا يكتُب، فهو [في] أنّه لا يكتُبُ على ما وُلِدَ عليه. قال: وأمّا قول النّابغة: * وهلْ يأْثَمَنْ ذو أمَّةٍ وهو طائِعُ * فمن رفَعه أراد سنّة ملكه، ومن جعَله مكسوراً جعَله دِيناً من الائتمام، كقولك ائتم بفلان إمّةً. والأمة في قوله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف 45]، أي بعد حين. والإمام: كلُّ من اقتُدِي به وقُدِّم في الأمور. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة، والخليفة إمام الرّعية، والقرآن إمام المسلمين. قال الخليل: الإمّة النّعمة. قال الأعشى: * وأصاب غزوُكَ إمّةً فأزالها * قال ويقال للخَيطِ الذي يقوّمُ عليه البِناءُ إمام. قال الخليل: الأمامُ القدّام، يقول صدرُك أمامُك، رَفَعَ لأنّه جعَله اسماً، ويقول أَخوك أمامَك نصب لأنه في حال الصفة، يعني به ما بين يديه، وأمّا قول لبيد: فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنّه *** مَوْلَى المخافةِ خَلْفُها وَأَمامُها فإنه ردَّ الخلف والأمام على الفرجين، كقولك كلا جانبيك مولى المخافة يمينك وشِمالُك، أي صاحبها ووليّها، قال أبو زيد: امض يَمامِي في معنى امض أمامي. ويقال: يمامي وَيمامتي. قال: * فقُلْ جابَتي لَبيّكَ وَاسمَعْ يمامتي * وقال الأصمعيُّ: "أمامَها لقِيتْ أَمَةٌ عَملَهَا" أي حيثما توجّهَتْ وجدَتْ عملاً. ويقولون: "أمامك ترى أثَرَك" أي ترى ما قدّمْت. قال أبو عبيدة: ومن أمثالهم: * رُوَيْدَ تَبَيَّنْ مَا أمَامَةُ مِنْ هندِ * يقول: تثبّتْ في الأمر ولا تَعْجَل يتبيَّنْ لك. قال الخليل: الأَمَم الشيء اليسير الحقير، تقول: فعلت شيئاً ما هو بأمَمٍ ولا دُونٍ. والأمم: الشيء القريب المتناوَل. قال: كوفِيّةٌ نازحٌ مَحَلَّتُهَا *** لا أَمَمٌ دارُها ولا صَقَبُ
قال أبو حاتم: قال أبو زيد: يقال أمَمٌ أي [صغيرٌ، و] عظيم، من الأضداد. وقال ابن قميئة في الصغير: يا لَهْفَ نفسِي على الشّباب ولم *** أَفقِدْ به إذْ فَقَدْتُه أمَمَا قال الخليل: الأمَم: القصد. قال يونس: هذا أمْرٌ مأمُومٌ يأخذ* به الناس. قال أبو عمرو: رجل مِئَمٌّ أي يؤمُّ البلادَ بغير دليل. قال: * احذَرْنَ جوّاب الفلا مِئمَّا * وقال الله تعالى: {ولاَ آمِّينَ البَيْتَ الحَرَامَ} [المائدة 2]، جمع آمٍّ يؤمُّون بيتَ الله أي يقصدونه. قال الخليل: التيمُّم يجري مجرى التوخّي، يقال له تيمّمْ أمراً حسَناً وتيمّموا أطيب ما عندكم تَصدّقُوا به. والتيمُّم بالصَّعيد من هذا المعنى، أي توخَّوْا أَطيبَه وأَنظَفَه وتعمّدوه. فصار التيمُّم في أفواه العامة فعلاً للتمسُّح بالصعيد، حتى يقولوا قد تَيمَّم فلان بالتُّراب. وقال الله تعالى: {فَتيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء 43، المائدة 6]، أي تعمَّدوا. قال: إن تكُ خيلي قد أُصيب صميمُها *** فعمداً على عَيْنٍ تيمّمْتُ مالِكا وتقول: يمّمتُ فلاناً بسهمي ورُمحي، أي توخّيته دونَ مَن سِواه، قال: يمّمتُه الرُّمحَ شزْراً ثم قلتُ لـه *** هذه المرُوَّةُ لا لِعْبُ الزَّحاليقِ ومن قال في هذا المعنى أمّمته فقد أخطأ لأنه قال "شزْراً" ولا يكون الشّزر إلاّ من ناحية، وهو لم يقصد به أمامه. قال الكسائي: الأمامة الثمانون من الإبل. قال: فمَنَّ وأعطانِي الجزيلَ وزادَني *** أُمَامَةَ يحدُوها إليَّ حداتُها والأمّ: الرئيس، يقال هو أُمُّهم. قال الشّنْفَرى: وأمّ عِيالٍ قد شَهدتُ تَقُوتُهم *** إذا أطعمَتْهم أَحْترَتْ وأقلَّتِ أراد بأمّ العيال رئيسَهم الذي كان يقوم بأمرهم، ويقال إنّه كان تأبّط شراً. (أنّ) وأما الهمزة والنون مضاعفة فأصلٌ واحد، وهو صوتٌ بتوجّع. قال الخليل: تقول: أنّ الرجل يئِنّ أنيناً وأنّةً وأنّاً، وذلك صوتُه بتوجُّع. قال ذو الرّمّة: تشكو الخِشاشَ ومَجْرَى النِّسْعَتَيْنِ كما *** أنَّ المريضُ إلى عوّادِهِ الوَصِبُ ويقال رجل أنّانٌ، أي كثير الأنين. اللِّحيانيّ: يقال القوس تئنّ أنيناً، إذا لأن صوتها وامتدّ، قال الشّاعر: تَئنُّ حين تجذب المخْطُوما*** أنينَ عَبْرَى أَسلَمَتْ حَميما قال يعقوب: الأنّانة من النّساء: التي يموت عنها زوجُها وتتزوج ثانياً، فكلما رَأته رَنّتْ وقالت: رحم الله فُلاناً. وأما (الهمزة والهاء) فليس بأصلٍ واحد، لأنّ حكايات الأصوات ليست أصولاً يقاس عليها، لكنهم يقولون: أهّ أهّةً وآهة. قال مثقِّب: إذا ما قمت أرحُلُها بِليلٍ *** تأوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الحزينِ (أو) كلمة شكٍّ وإباحة. (أيّ) كلمة تعجُّب واستفهام، يقال تأيّيتُ، على تفعّلت، أي تمكّثت. وهو قول القائل: * وعلمت أنْ ليست بدارِ تَئِيّة * وأمّا تأيّيت والآيَة فقد ذكر في بابه. وآء ممدود شجرٌ، وهو قوله: أصَكَّ مُصَلَّمِ الأذُنينِ أَجْنَى *** له بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ
قال الخليل: يقال لحكاية الأصوات في العساكر ونحوها: آء. قال: في جحفَلٍ لَجِبٍ جَمٍّ صَوَاهِلُه *** بالليل تُسمَعُ في حافاتِهِ آءُ وقد قلنا إنّ الأصوات في الحكايات ليست أصولاً يقاس عليها.
(أبت) الهمزة والباء والتاء أصلٌ واحد، وهو الحرّ وشدّته. قال ابنُ السكّيت وغيره: أبَتَ يومنا يأبُِتُ إذا اشتد حرُّه، فهو أَبِتٌ. وأنشد: بَرْك هجُود بفَلاةٍ قَفْرِ*** أحْمَى عليها الشمسَُ أبْتَُ الحَرِّ ويقال يومٌ أبْتٌ وليلة أبْتَةٌ. ورجل مأبُوتٌ أصابه الحرّ. قال أبو علي الأصفهانيّ: الأَبْتة كالوَغْرة من القَيظ. (أبث) وهذا الباب مهملٌ عند الخليل. قال الشّيبانيّ: الأبِثُ الأشِرُ النّشيط. قال: أصبَحَ عمَّارٌ نشيطاً أبِثا *** يأكُلُ لحماً بائتا قد كَبِثَا وهذا الباب مهمل عند الخليل، وليست الكلمة عند ابن دريد. والكَبِث: المتغيِّر المُرْوِح. وليس الكَبِث عند الخليل ولا ابن دريد. ويقال للذي لا يَقَِرّ من المرَح إنه لأبِثٌ. قال الشّيباني: أصبت إبلاً أبَاثَى يعني بُروكاً شَباعَى. وناقة أبِثَة. (أبد) الهمزة والباء والدال يدلّ بناؤها على طول المدّة، وعلى التوحّش. قالوا: الأبد الدهر، وجمعه آباد*. والعرب تقول: أبدٌ أبيدٌ، كما يقولون دهرٌ دَهير. والأَبْدَةٌ الفَعْلة تبقى على الأبَد. وتأبّد البعير توحّشَ. وفي الحديث: "إنّ هذه البهائم لها أوابدُ كأوابد الوحْشِ". وتأبّد المنزلُ خَلا. قال لبيد: عفَتِ الدِّيارُ مَحلُّها فمُقامها *** بمنىً تأبّدَ غَوْلُها فرِجامُها وقال ابنُ الأعرابي: الإبِد ذات النتاج من المال، كالأمَة والفرس والأتان، لأنهن يَضْنأن في كلّ عامٍ، أي يلدْن ويقال تأبّد وجهُه كَلِفَ. (أبر) الهمزة والباء والراء يدلُّ بناؤها على نخس الشيء بشيءٍ محدَّد. قال الخليل: الإبرة معروفة، وبائعها أبّار. والأَبْرُ ضرب العقرب بإبرتها، وهي تأبُِرُ، والأَبْرُ إلقاح النخل، يقال أبَرَهُ أبْراً، وأبَّرَه تأبيرا. قال الخليل: والأَبْر علاج الزرع بما يُصلحه من السّقي والتعهُّد. قال طَرَفة: ولِيَ الأصلُ الذي في مثله *** يُصلح الآبرُ زرعَ المُؤتَبِرْ المؤتبر الذي يَطلُبُ أن يقام بزرعه. قال الخليل: المآبر النّمائم، واحدها مِئبر. [قال النابغة]: وذلك من قولٍ أتاك أقولُه *** ومِنْ دَسِّ أعداءٍ إليك المآبرا ويقال إنه لذو مِئبر، إذا كان نَمَّاما. قال: ومَن يكُ ذا مِئْبرٍ باللسا *** ن يَسْنَحْ به القولُ أو يَبْرَحِ قال الخليل: الإبرة عُظَيْمٌ مستوٍ مع طرف الزَّند من الذراع إلى طرف الإصبع. قال: * حيث تلاقي الإبرةُ القبيحا * ويقال إن إبرة اللسان طرفه. (أبز) الهمزة والباء والزاء يدلّ على القلق والسرعة وقلّة الاستقرار. قال الخليل: الإنسان يَأبِزُ في عَدْوه ويستريح ساعةً ويمضي أحياناً. قال الفرّاء: الأبَزَى والقَفَزَى اسمان من أبز الفرسُ وقَفَزَ. والأبْزُ الوثْب. قال أبو عمرو: نجِيبَة أبُوز، أي تصبر صبراً عجيباً، وقد أبَزَت تَأْبِز أبْزاً. قال: لقد صَبَحْتُ حَملَ بنَ كُوزِ *** عُلالةً مِنْ وَكَرَى أَبُوزِ قال الشيباني: الآبز الذي يأبِز بصاحبه، أي يبغي عليه ويعرِّض به. يقال: أراك تأبِز به. (أبس) الهمزة والباء والسين تدلّ على القهر، يقال منه أبَسَ الرجُلُ الرجُلَ، إذا قَهَره. قال: * أُسُود هيْجا لَمْ تُرَمْ بأَبْسِ * والأبس: كلّ مكانٍ خشنٍ. ويقال أبَسْت بمعنى حَبَسْت وتأبّس الشيءُ تغيّر. قال المتلمس: ألم تر أنَّ الجَونَ أَصْبَحَ راسياً *** تُطيف به الأيام لا يتأبَّسُ ويقال هي بالياء: "لا يتأيّس"، وقد ذكر في بابه. (أبش) الهمزة والباء والشين ليس بأصل، لأنّ الهمزة فيه مبدلة من هاء. قال ابن دريد: أبَشْتُ الشيء وهَبَشْتُه إذا جمعته. (أبض) الهمزة والباء والضاد تدلّ على الدهر، وعلى شيء من أرفاغ البطن. الأُبْضُ الدهر وجمعه آباضٌ. قال رؤبة: * في حِقْبةٍ عِشْنا بذاك أُبْضا * والإباض حبلٌ يُشدّ به رسغ البعير إلى عضده، تقول أبَضْته. ويقال لباطن ركبة البعير المأبِض. وتصغير الإباض أُبَيِّض. قال: أقول لصاحِبي والليلُ داجٍ *** أُبَيِّضَك الأسَيِّدَ لا يَضيعُ يقول: احفظ إباضك الأسود كي لا يضيع. وقال لبيد: كأنّ هجانَها متأبِّضاتٍ *** وفي الأقران، أصورةُ الرَّغامِ متأبِّضات: معتقَلات بالأُبُض. يقول كأنّها في هذه الحال وفي الحبال أصورة الرَّغام. (أبط) الهمزة والباء والطاء أصل واحد، وهو إبط الإنسان أو استعارة في غيره. الإبط معروف. وتأبّطْت الشيء تحت إبطي. قال ابن دريد: تأبّط سيفه إذا تقلّده، لأنه يصير تحت إبطه. وكلُّ شيء تقلّدته في موضع السيف فقد تأبّطته. قال الهذلي: شرِبتُ بجَمِّه وصدَرْتُ عنه *** وأبيض صارم ذَكَرٌ إباطي قال قوم: قوله إباطي، أي هو ناحيةَ إبطي. وقال آخرون: هو إباطيٌّ نسَبَهُ إلى إبطه ثم خفّفه. والإستعارة: الإبط من الرمل، وهو أن ينقطع معظمُه ويبقى منه شيءٌ رقيقٌ منبسط متصل بالجَدَد، فمنقطع معظمه الإبط، والجمع الآباط. قال ذو الرمّة: وحَوْمانةٍ ورقاءَ يجري سَرابُها *** بمنسحَّةِ الآباط حُدْبٍ ظهورُها (أبق) الهمزة والباء والقاف يدلُّ على إباق العبد، والتشدُّد في الأمر. أبق العبد يأبِق أَبْقاً وأَبَقاً قال الرّاجز: أَمسِكْ بنيكَ عمرُو إنّي آبقُ *** بَرقٌ على أرضِ السّعالي آلقُ ويقال عبدٌ أبُوقٌ وأَبَّاق. قال أبو زيد: تأبّقَ الرجل استتر. قال الأعشى: * ولكن أتاه الموتُ لا يتأبَّقُ * وقال آخر: ألاَ قالتْ بَهَانِ ولم تأَبّق *** نَعِمْت ولا يليقُ بك النّعيمُ قال بعضهم: يقال للرّجل إنّ فيك كذا، فيقول: "أمَا والله ما أتأبّق"، أي ما أنكِر. ويقال له يا ابنَ فلانة، فيقول: "ما أتأبّقُ منها" أي ما أنكِرُها. قال الخليل: الأبَق قِشْر القِنَّب. قال أبو زياد: الأبَق نبات تُدَقُّ سوقُه حتى يَخلُص لحاؤه، فيكون قِنَّبا. قال رؤبة: * قُودٌ ثمانٍ مثلُ أمْراسِ الأَبَقْ * وقال زهير: * قد أحكِمتْ حَكَمَاتِ القِدِّ والأبَقا * (أبك) الهمزة والباء والكاف أصل واحد، وهو السِّمَن، يقال أبِكَ الرجل، إذا سَمِنَ. (أبل) الهمزة والباء واللام بناء على أصول ثلاثة: [على] الإبل، وعلى الاجتزاء، وعلى الثِّقل، و[على] الغلبة. قال الخليل: الإبل معروفة. وإبل مؤبّلة جُعلت قطيعاً قطيعا، وذلك نعتٌ في الإبل خاصّة. ويقال للرجل ذي الإبل: آبل. قال أبو حاتم: الإبل يقال لمَسانِّها وصغارها، وليس لها واحدٌ من اللفظ، والجمع آبال. قال: قد شَرِبت آبالهم بالنّارِ *** والنّار قد تَشْفِي من الأُوارِ قال ابنُ الأعرابي: رجل آبلٌ، إذا كان صاحب إبل، وأَبِلٌ بوزن فَعِل إذا كان حاذقاً برعيها، وقد أَبِل يأْبَل. وهو من آبَلِ النّاس، أي أحذقِهم بالإبل، ويقولون: "هو آبَلُ من حُنَيفِ الحَنَاتِم". والإبِلات الإبل. وأَبَّل الرّجلُ كثرت إبله فهو مؤبَّل، ومالٌ مؤبَّل في الإبل خاصّة، وهو كثرتها وركوبُ بعضِها بعضاً. وفلان لا يأتَبل، أي لا يثبت على الإبل. وروى أبو عليٍّ الأصفهاني عن العامري قال: الأَبَلة كالتَّكرِمة للإبل، وهو أن تُحسِن القيام عليها، وكان أبو نخيلة يقول: "إنّ أَحقَّ الأموالِ بالأَبَلة والكِنِّ، أموالٌ تَرْقَأ الدِّماء، ويُمْهَر منها النّساء، ويُعبد عليها الإله في السماء، ألبانُها شفاء، وأبوالها دواء، ومَلَكتها سناء"، قال أبو حاتم: يُقال لفلانٍ إبل، أي لـه مائة من الإبل، جُعل ذلك اسماً للإبل المائة، كهُنَيدة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النّاس كإبلٍ مائةٍ ليست فيها راحلة". قال الفرّاء: يقال فلان يُؤبِّل على فلان، إذا كان يُكثِّر عليه. وتأويله التفخيم والتعظيم. قال: جَزى الله خيراً صاحباً كلما أتى *** أقرّ ولم ينظُرْ لقول المؤبِّلِ قال: ومن ذلك سمّيت الإبل لعظم خَلْقها. قال الخليل: بعير آبِلٌ في موضع لا يبرح يجتزئ عن الماء. وتأبّل الرجل عن المرأة كما يجتزئ الوحش عن الماء، ومنه الحديث: "تأَبَّل آدمُ عليه السلام على ابنه المقتول أيّاماً لا يُصيب حَوّاء". قال لبيد: وإذا حرّكتُ غَرزِي أجْمَرَتْ *** أو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ يعني حماراً اجتزأ عن الماء. ويقال منه أبَلَ يأْبِل ويَأْبلُ أبُولا. قال العجاج * كأنّ جَلْداتِ المَخاض الأُبّالْ * قال ابن الأعرابيّ: أبَلَت تأبِلُ أَبْلاً، إذا رعَتْ في الكلأ- والكلأ [الرُّطْب و] اليابسُ – فإذا أكَلت الرُّطْب فهو الجَزْء. وقال أبو عبيد: إبِلٌ أوابِلُ، وأُبَّلٌ، وأبَّال، أي جوازئ. قال: * به أَبَلَتْ شهرَيْ ربيعٍ كِلَيْهما * قال الأصمعي: إبلٌ مُؤَبَّلةٌ كثيرة، كقولهم غنم مُغَنَّمة، وبَقَرٌ مُبَقَّرَة. ويقال هي المقْتناة. قال ابنُ الأعرابيّ: ناقة أَبِلَة، أي شديدة. ويقولون "ما له هابِلٌ ولا آبلٌ"، الهابل: المحتال المُغنى عنه، والآبل: الراعي. قال الخليل في قول الله تعالى: {طَيْراً أَبابِيلَ} [الفيل 3]: أي يتبع بعضُها بعضاً، واحِدها إبّالَةٌ وإبَّوْل. قال الخليل: الأبِيل من رؤوس النصارى، وهو الأَبِيليّ. قال الأعشى: وما أيْبُلِيٌّ على هيكلٍ *** بَنَاهُ وصَلَّبَ فيه وصارا قال: يريد أَبِيليّ، فلمّا اضطُرّ قدَّم* الياء، كما يقال أينق والأصل أَنْوُق. قال عديّ: إنّني واللهِ فاقْبَلْ حَلْفَتِي *** بأَبِيلٍ كلما صَلّى جَأَرْ وقال بعضهم: تأبّل على الميت حَزِن عليه. وأبّلت الميت مثل أَبَّنْت. فأمّا قول القائل: قَبِيلانِ، منهم خاذلٌ ما يُجيبُني *** ومُستأبَلٌ منهم يُعَقُّ ويُظْلَمُ فيقال إنه أراد بالمستأبَل الرجل المظلوم. قال الفرّاء: الأَبَلات الأحقاد، الواحدة أَبَلة. قال العامريّ: قضى أبَلَته من كذا أي حاجته. قال: وهي خصلةُ شرٍّ ليست بخير. قال أبو زيد: يقال ما لي إليك أَبِلة بفتح الألف وكسر الباء، أي حاجة. ويقال أنا أطلبه بأَبِلة أي تِرَة. قال يعقوب: أُبْلَى موضع. قال الشماخ: فبانَتْ بأُبْلَى ليلةً ثم ليلةً *** بحاذَةَ واجتابتْ نوىً عَنْ نواهُما ويقال أبَل الرجل يَأبِل أَبْلاً إذا غَلَب وامتنع. والأبَلَة: الثّقل. وفي الحديث: "كلُّ مالٍ أدِّيت زكاتُه فقد ذهبت أبَلتُه". والإبَّالة: الحُزْمة من الحطب. (أبن) الهمزة والباء والنون يدلّ على الذِّكْرِ، وعلى العُقَد، وقَفْوِ الشّيء. الأُبَن: العُقَد في الخشبة. قال: * قضيبَ سَراءٍ قليلَ الأُبَنْ * والأُبَنُ: العَدَاوات. وفلان يُؤْبَن بكذا أي يُذَمّ. وجاء في ذكر مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تُؤْبَن فيه الحُرَمُ" أي لا تُذْكَرُ. والتأبين: مَدْحُ الرجل بعد موته. قال: لعمري وما دَهري بتأبينِ هالكٍ *** ولا جَزِعاً مِمّا أصابَ فأوجَعا وهذا إبّانُ ذلك أي حِينُه. وتقول: أَبّنْتُ أثَرَه، إذا قفوتَه، وأبّنْت الشيءَ رقَبْته. قال أوس: يقولُ له الراؤون هَذاكَ راكبٌ *** يُؤبِّنُ شخصاً فوقَ علياءَ واقفُ (أبه) الهمزة والباء والهاء يدلّ على النباهة والسموّ. ما أَبَهْتُ به أي لم أعلم مكانه ولا أَنِسْت به والأُبَّهَة: الجلال. (أبو) الهمزة والباء والواو يدلّ على التربية والغَذْو. أبَوْتُ الشيء آبُوه أَبْواً إذا غذوته. وبذلك سمّي الأب أباً. ويقال في النسبة إلى أبٍ أبَوِيّ. وعنزٌ أبواءُ، إذا أصابها وجعٌ عن شمِّ أبوال الأرْوَى. قال الخليل: الأبُ معروف، والجمع آباء وأبُوّةٌ. قال: أحاشِي نزارَ الشّامِ إنّ نِزَارَها *** أبُوَّةُ آبائي وَمِنِّى عميدُها قال: وتقول: تأبّيْتُ أباً، كما تقول تَبَنَّيْتُ ابْناً وتَأَمّهْتُ أمّاً. قال: ويجوز في الشِّعر "هذان أباك" وأنت تريد أبَوَاك، و"رأيت أبيك" يريد أبويك. قال: * وهْوَ يُفَدَّى بالأبِينَ والخالْ * ويجوز في الجمع أبُونَ. وهؤلاء أبوكم أي آباؤكم. أبو عبيد: ما كنتَ أباً ولقد أَبَيْتَ أبوّة. وأَبَوْتُ القوم أي كنتُ لهم أباً. قال: نؤمُّهمُ ونأْبُوهُمْ جميعاً *** كما قُدَّ السُّيُورُ من الأديمِ قال الخليل: فلانٌ يَأْبُو اليتيمَ، أي يغذو كما يغذو الوالد ولده. (أبي) الهمزة والباء والياء يدلّ على الامتناع. أبيت الشيء آباهُ، وقوم أَبيُّونَ وأباةٌ. قال: * أبيّ الضّيْمِ من نَفَرٍ أباة * والإباء: أن تعرض على الرجل الشيءَ فيأبَى قبولَه، فتقول ما هذا الإباءُ، بالضم والكسر. العرب ما كان من نحو فَعَل يَفْعَل. والأبِيّة من الإبل: الصّعبة. قال اللِّحيانيُّ: رجلٌ أبَيَانٌ إذا كان يأبَى الأشياء، وماءٌ مأباةٌ على مثال مَعْباةٍ، أي تأباه الإبل. قال ابنُ السكِّيت: أَخذَهُ أباءٌ إذا كأن يأبى الطّعامَ. قال أبو عمرو: الأوابي من الإبل الحِقاق والجِذَاع والثُِّناء إذا ضربها الفحل فلم تلقح، فهي تسمّى الأوابي حتّى تلقح مرّة، ولا تسمّى بعد ذلك أوابي، واحدتها آبيَةٌ. ولا يبعد أن يكون الأُباء من هذا القياس، وهو وجعٌ يأخذ المِعْزَى عن شمّ أبوَال الأرْوَى. قال: فقلتُ لكَـنّازٍ تركَّلْ فإنَّهُ *** أُباً لا إخالُ الضَّأْنَ منه نواجِيا الأَباء: أطراف القصب، الواحدة أَباءَة، ثم قيل للأَجَمَة أبَاءَةٌ، كما قالوا للغَيضَة أَرَاكةٌ. قال: وأَخُو الإباءةِ إذْ رأى خُلاّنَهُ *** تَلَّى شِفاعاً حولَه كالإذْخِرِ ويجوز أن يكون أراد بالأباءَة الرِّماح، شبَّهها بالقَصب كثرةً. قال: مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُرعْبِلُ بَعْضُه *** بعضاً كمعمعةِ* الأَباءِ المُحْرَقِ
(أتل) الهمزة والتاء واللام يدلّ على أصل واحد، وهو البطءُ والتّثاقل. قال أبو عبيد: الأَتَلانُ تقارب الخَطْو في غَضَبٍ، يقال: أَتَلَ يَأْتِلُ، وأَتَنَ يَأْتِنُ: وأنشد: أرانِيَ لا آتيكَ إلاّ كأنّما *** أَسَأْتُ وإلاّ أنتَ غضبانُ تَأتِلُ وهو أيضاً مشيٌ بتثاقل. وأنشد: مَالكِ يا ناقة تَأْتِلِينا *** عليَّ بالدَّهناءِ تَأْرَخِينا قال أبو علي الأصفهانيّ: أَتَلَ الرجل يَأتِل أُتُولاً، إذا تأخر وتخلّفَ. قال: * وقد ملأت بطنَه حَتى أَتَلْ * (أتم) الهمزة والتاء والميم يدلُّ على انضمام الشيء بعضِه إلى بعض، الأتَم في الخُرَزِ أن تتفتق خُرْزتان فتصيرا واحدةً. ومنه المرأَة الأَتُوم وهي المُفْضاةُ التي صار مَسْلكاها واحداً، قال أبو عمرو: الأُتُم لغة في العُتُم، وهو شجر الزّيتون. ويقال: أَتَم بالمكان، إذا ثوى، ويقال الأتَم الثواءُ، والمأْتَم: النِّساءُ يجتمعن في الخير والشرّ، كذا قال القُتَبيّ، وأنشد: رَمَتْهُ أَنَاةٌ مِنْ رَبيعةِ عَامِرٍ *** نَؤُومُ الضُّحَى في مأتَم أيِّ مَأْتَمِ يريد في نساءٍ أيّ نساءٍ. وقال رؤبةُ: إذا تَدَاعَى في الصِّمادِ مأتمُهْ *** أَحَنَّ غِيراناً تنادى زُجَّمُه شبّه البُوم بنساءٍ يَنُحْنَ. وقوله: أحنَّ غيراناً، يريدُ أن البُوم إذا صوّتَتْ أحنّتْ الغِيرانَ بمجاوَبَة الصدى، وهو الصَّوت الذي تسمعه من الجبل أو الغارِ بَعْدَ صوتِك. (أتن) الهمزة والتاء والنون أصل واحد، وهو الأنثى من الحُمُر، أو شيءٌ استعير لـه هذا الاسم. قال الخليل: الأتان معروفة، والجمع الأتُن. قال ابن السكّيت: هذه أتانٌ وثلاثُ آتُنٍ، والجمع أُتُن وأُتْن بالتخفيف ولا يجوز أتانة، لأنّه اسم خصّ به المؤنّث. قال أبو عبيد: استأتن فلانٌ أتاناً أي اتّخذها. واستأتن الحمارُ: صار أتاناً بعد أن كان حماراً. والمأتُوناء: الأُتُن. وأَتَانُ الضَّحْلِ: صخرةٌ كبيرةٌ تكون في الماء القليلِ يَركبُها الطُّحْلُبُ. قال أوس: بِجَسْرَةٍ كَأَتانِ الضَّحْلِ صَلَّبَها *** أكْلُ السّوَادِيِّ رَضُّوهُ بـمِرْضاحِ قال يونس: الأتان مَقامُ المستَقِي على فم الرّكيّة. قال النَّضْر: الأتان: قاعدة الهودج، والجمع الأتُن، قال أبو عُبيد: الأَتَنَانُ تقارُب الخطو في غَضَب، يقال أَتَنَ يَأْتِن. وهذا ليس من الباب، لأنّ النون مبدلةٌ من اللام، والأصل الأتَلان. وقد مضى ذِكره. (أته) الهمزة والتاء والهاء، يقال إنّ التأتُّه الكِبْر والخيَلاء. (أتو) الهمزة والتاء والواو والألف والياء يدلُّ على مجيء الشيء وإصحابِه وطاعَتِه. الأَتْو الاستقامة في السّير، يقال أتَا البعيرُ يأْتُو. قال: توكَّلْنَ واستَدْبَرْنَه كيف أَتْوُه *** بها رَبِذاً سَهْوَ الأراجيح مِرْجَما ويقال ما أحسن أَتْوَ يدَيْها في السير. وقال مزاحم: فلا سَدْوَ إلا سَدْوُهُ وهو مدبرٌ *** ولا أَتْوَ إلا أَتْوُهُ وهو مقبلُ وتقول العرب: أتَوْتُ فلانا بمعنى أتيته. قال: يا قَوم مَالِي وأبَا ذُؤيبِ *** كُنْتُ إذَا أتَوْتُهُ مِنْ غَيْبِ قال الضّبيّ: يقال للسِّقاء إذا تمخّض قد جاء أتْوُهُ. الخليل: الإتاوة الخَراج، والرِّشوة، والجَعالة، وكلُّ قسمةٍ تقسم على قوم فُتجْبَى كذلك. قال: * يُؤَدُّون الإتاوةَ صاغرينا * وأنشد: وفي كلِّ أسْواقِ العِراقِ إتاوَةٌ *** وفي كل ما باع امرؤٌ مَكْسُ درْهَمِ قال الأصمعيّ: يقال أتوْته أتْواً: أعطيتُه الإتاوة. (أتي) تقول: أتاني فلانٌ إتْياناً وأَتْياً وأَتْيَةً وأَتْوَةً واحدة، ولا يقال إتيانةً واحدة إلا في اضطرارِ شاعر، وهو قبيح لأنّ المصادر كلها إذا جعلت واحدةً رُدّت إلى بناءِ فعلِها، وذلك إذا كان الفِعْل على فعل، فإذا دخلت في الفعل زياداتٌ فوقَ ذلك أُدخِلت فيها زياداتُها في الواحدة، كقولنا إقبالةً واحدة. قال شاعرٌ في الأتْيِ: إنّي وأَتْيَ ابنِ غَلاَّقٍ ليَقْريَنِي *** كغابِطِ الكَلْبِ يَرْجُو الطِّرْقَ في الذَّنَبِ وحكى اللِّحيانيّ إتْيَانَة. قال أبو زيد: يقال تِني بفلان: أئتني، وللاثنين تِياني به، وللجمع تُوني به، وللمرأة تيني به، وللجمع تِينَني. وأتيت الأمرَ منْ مأتاهُ ومأْتاتهِ. قال: وحاجةٍ بتُّ على صِماتِها *** أتيتُها وَحْدِيَ مِنْ مأتاتها قال الخليل: آتَيت فلاناً* على أمره مؤاتاةً، وهو حُسْن المطاوعة. ولا يقال واتَيْتَهُ إلا في لغة قبيحةٍ في اليمن. وما جاء من نحو آسيت وآكلت وآمرت وآخيت، إنما يجعلونها واواً على تخفيف الهمزة في يُوَاكل ويُوَامر ونحو ذلك. قال اللِّحيانيّ: ما أتيتَنا حَتّى استأتيناك، أي استبْطَأناك وسألناكَ الإتيان. ويقال تأتَّ لهذا الأمر، أي ترفَّقْ له. والإيتاء الإعطاء، تقول آتى يؤتي إيتاء. وتقول هاتِ بمعنى آتِ أي فاعِلْ، فدخلت الهاء على الألف. وتقول تأتىّ لفلانٍ أمرُه، وقد أتّاه الله تأْتيةً. ومنه قوله: * وتأتى له الدَّهْرُ حَتّى جَبَرْ * وهو مخفف من تأتّى. قال لَبيد: * بمؤتَّرٍ تَأْتَى لَهُ إبهامُها * قال الخليل: الأتيّ ما وقع في النّهر من خشبٍ أوْ وَرَق ممّا يَحبِس الماء. تقول أَتِّ لهذا الماء أي سهّل جَرْيَهُ. والأتِيّ عند العامة: النهر الذي يجري فيه الماء إلى الحوض، والجمع الأُتِيُّ والآتاءُ. والأَتِيُّ أيضاً: السَّيل الذي يأتي من بلدٍ غيرِ بلدك. قال النابغة: خَلَّتْ سَبيلَ أتِيٍّ كانَ يحبِسُه *** وَرَفّعَته إلى السَّجْفَينِ فالنَّضَدِ قال بعضهم: أراد أتِيّ النُّؤى، وهو مَجراهُ، ويقال عَنَى به ما يحبِس المجرى من ورقٍ أو حشيش. وأتْيت للماء تأتيةً إذا وجَّهت له مَجْرىً. اللِّحيانيّ: رجل أَتِيٌّ إذا كان نافذاً. قال الخليل: رجلٌ أتيٌّ، أي غريبٌ في قومٍ ليس منهم. وأَتاوِيٌّ كذلك. وأنشد الأصمعي: لا تَعدِلَنَّ أتاويِّينَ تضرِبُهُمْ *** نكْباءُ صِرٌّ بأصحَاب المُحِلاّتِ وفي حديث ثابت بن الدّحْدَاح: "إنما هو أتِيٌّ فينا". والإتاء: نَماء الزّرع والنخل. يقال نخلٌ ذو إتاءٍ أي نماء. قال الفرّاء: أتَتِ الأرضُ والنخلُ أتْواً، وأتى الماءُ إتاءً، أي كثُر. قال: وبعضُ القول ليس لـه عِناجٌ *** كسَيْل الماء ليس لـه إتاءُ وقال آخر: هنالك لا أبالي نَخْلَ سَقْيٍ *** ولا بَعْلٍ وإنْ عظُمَ الإتاءُ (أتب) الهمزة والتاء والباء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يشتمل به الإبط، قميصٌ غير مَخِيط الجانبين. قال امرؤ القيس: مِنَ القاصِرات الطّرف لو دَبَّ مُحْوِلٌ *** من الذَّرِّ فوقَ الإتْبِ منها لأَثّرَا قال الأصمعيّ: هو البقيرة، وهو أنْ يُؤخَذ بُردٌ فيشقّ، ثم تُلقيه المرأةُ في عُنُقها من غير كُمَّينِ ولا جَيْب. قال أبو زيد: أتَّبْت المرأةُ أُؤَتِّبُها إذا ألبستَها الإتْب. قال الشيبانيّ: التأتُّبُ أن يجعل الرّجلُ حِمالةَ القَوس في صدره ويُخرِجَ مَنكِبيه منها فتصيرَ القوسُ على كَتفيه. قال النُّميريّ: المِئْتَبُ المِشْمَل وقد تأتّبَه إذا ألقاه تحت إبطه ثم اشتمل. ورجل مُؤَتَّب الظهر، ويقال مُؤْتَبٌ، أي أجنَؤُهُ. قال: * على حَجَليٍّ راضعٍ مُؤْتَبِ الظَّهْرِ *
البيث لثروان العكلي، كما في اللسان (أتل). أرخ إلى مكانة يأرخ أروخا: حن إليه، وفي الأصل: "تادخينا" محرف. الرجز في نوادر أبي زيد 49 واللسان (أتل). في الأصل "التوى" بالتاء المثناة. انظر أدب الكاتب 22. والبيت لأبي حية النميري كما في الاقتضاب 293 واللسان (أتم). الصماد: جمع صمد، وهو ما غلظ من الأرض. والغيران: جمع غار. وزجم: جمع زاجم، وهو الذي يصوت صوتاً لا تفهمه. وفي الأصل: "تنازجمه" صوابه من الديوان ص151. البيت مع نظائره في اللسان (16: 144). الذي في اللسان: "قاعدة الفودج" بالفاء. والفودج: الهودج، وقيل أصغر من الهودج. انظر ما مضى ص47 س3. السهو: اللين. والأراجيح: اهتزاز الإبل في رتكانها. وفي الأصل: "المراجيح" صوابه في اللسان (3: 271). ورواية عجزه فيه: * على ربذ سهو الأراجيح مرجم * هو خالد بن زهير الهذلي، كما في اللسان (18: 18) يقوله لأبي ذؤيب الهذلي، كما في ديوان الهذليين ص(1: 165) من القسم الأول طبع دار الكتب. هو البيت 17 من المفضلية 42. البيت لرجل من بني عمرو بن عامر يهجو قوماً من بني سليم، كما في اللسان (غبط) وانظر الحيوان (2: 169) والميداني (2: 20) في الأصل: "مؤتاتها" صوابه ما أثبت من اللسان (18: 15). على صماتها، بالكسر: أي على شرف قضائها. والبيت في اللسان (2: 361/18: 15). ويروى: "تأتاله" من قولك ألت الأمر أصلحته. وصدره في المعلقة: * بصبوح صافية وجذب كرينة * روايات البيت وتخريجاته في حواشي الحيوان (5: 97) وسيأتي في (نكب). في اللسان: "وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عاصم بن عدي عن ثابت بن الدحداح وتُوُفِّي: هل تعلمون له نسباً فيكم؟ فقال: لا، إنما هو أتيّ فينا. قال: فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخته". رواية اللسان: (عنج، أني) "كمخض الماء". السقي: ما شرب بماء الأنهار والعيون الجارية. والبعل، ما رسخت عروقه في الماء فاستغنى عن أن يسقي. والبيت لعبد الله بن رواحة الأنصاري كما في اللسان (بعل، أتى، سقى). قال ابن منظور: "عنى بهنالك موضع الجهاد. أي أستشهد فأرزق عند الله فلا أبالي نخلاً ولا زرعا".
(أثر) الهمزة والثاء والراء، لـه ثلاثة أصول: تقديم الشيء، وذكر الشيء، ورسم الشيء الباقي. قال الخليل: لقد أثِرْتُ بأن أفعل كذا، وهو همٌّ في عَزْم. وتقولُ افعل يا فلان هذا آثِراً ما، وآثِرَ [ذي] أثير، أي إنْ اخترتَ ذلك الفعل فافعلْ هذا إمّا لا. قال ابنُ الأعرابيّ: معناه افعلْه أوّلَ كلِّ شيء. قال عُروة بن الورد: وقالوا ما تَشاءُ فقلتُ ألهُو *** إلى الإصباح آثِرَ ذي أثيرِ والآثِر بوزن فاعل. وأمّا حديث عمر: "ما حَلَفتُ بعدها آثِراً ولا ذاكراً" فإنه يعني بقوله آثِراً مُخْبِراً عن غيري أنه حَلَف به. يقول لم أقل إنّ فلاناً قال وأبي لأفعلنّ. من قولك أثَرْتُ الحديثَ، وحديثٌ مأثور. وقوله: "ولا ذاكرا" أي لم أذكُرْ ذلك عن نفسي. قال الخليل: والآثِر الذي يؤثِّرُ خُفّ البعير. والأثير من الدوابّ: العظيم الأثر في الأرض بخُفّهِ أو حافِرِه. قال الخليل: والأثَر بقيّة ما يُرَى من كلّ شيء وما لا يرى بعد أن تبقى فيه علقة. والأَثَار الأثَر، كالفلاح والفَلَح، والسَّداد والسَّدَد. قال الخليل: أثَر السَّيف ضَرْبته. وتقول: "من يشتري سَيْفي وهذا أَثَرُه" يضرب للمُجرَّب المخْتَبَر. قال الخليل: المئثرة مهموز: سكين يؤثَّر بها في باطن فِرْسِنِ البَعير، فحيثما ذهَب عُرِف بها* أثَرُه، والجمع المآثر. قال الخليل: والأثَر الاستقفاء والاتّباع، وفيه لغتان أثَر وإثْر. ولا يشتقّ من حروفه فعلٌ في هذا المعنى، ولكن يقال ذهبت في إثرِه. ويقولون: "تَدَعُ العَيْنَ وتَطْلُبُ الأثَر" يضرب لمن يترك السُّهولة إلى الصُّعوبة. والأثير: الكريم عليك الذي تُؤْثِره بفَضْلك وصِلَتك. والمرأة الأثيرة، والمصدر الأثَرَة، تقول عندنا أَثَرَةٌ. قال أبو زَيد: رجل أثيرٌ على فَعيل، وجماعة أَثِيرُونَ، وهو بيّن الأثَرة، وجمع الأثير أُثَراءُ. قال الخليل: استأثر الله بفلانٍ، إذا مات وهو يُرجى لـه الجنّة وفي الحديث: "إذا استأثر اللهُ بشيءٍ فَالْهَ عنه" أي إذا نهى عن شيءٍ فاتركْه. أبو عمرو بن العلاء: أخذت ذلك بلا أثَرَهٍ عليك، أي لم أستأثِر عليك. ورجلٌ أثُرٌ على فَعُلٍ، يستأثر على أصحابه. قال اللِّحيانيّ: أخذتُه بِلاَ أُثْرَى عليك. وأنشد: فقلت له يا ذئبُ هل لَكَ في أخٍ *** يُواسي بلا أُثْرَى عَليك ولا بُخْلِ وفي الحديث: "سترون بعدي أَثَرَةً" أي [مَنْ] يستأثرون بالفَيء. قال ابنُ الأعرابيّ: آثرتُه بالشيء إيثاراً، وهي الأَثَرَة والإثْرَة، والجمع الإثَر. قال: لم يُؤْثروكَ بها إذ قدَّمُوكَ لها *** لا بَلْ لأنفُسهم كانت بك الإثَرُ والأَثَارة: البقية من الشيء، والجمع أثارات، ومنه قوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف 4]. قال الأصمعيّ: الإِبلُ على أَثارةٍ، أي على شحمٍ قديم. قال: وذاتِ أَثَارةٍ أكلَتْ عليها *** نَباتاً في أَكِمَّتِهِ تُؤَامَا
قال الخليل: الأَثْرُ في السيف شبه الذي يقال لـه الفِرنْد، ويسمّى السيفُ مأثوراً لذلك. يقال منه أَثَرْتُ السيف آثُرُهُ أَثْراً إذا جلَوْتَه حتى يبدُوَ فِرِنْدُه. الفرّاء: الأثر مقصور بالفتح أيضاً. وأنشد: جلاها الصّيْقلونَ فأبْرَزُوها *** فجاءت كلُّها يَتَقِي بأَثْرِ قال: وكان الفرّاء يقول: أَثَرُ السيف محرّكة، وينشد: كأنّهُمْ أسْيُفٌ بِيضٌ يمانِيَةٌ *** صَافٍ مضاربُها باقٍ بها الأَثَرُ قال النَّضر: المأثورة من الآبار التي اخْتُفِيت قَبلَك ثم اندفَنتْ ثم سَقَطْتَ أنت عليها، فرأيْتَ آثار الأرْشيةِ والحِبال، فتلك المأثورةُ. حكى الكلبيّ أثِرْت بهذا المكان أي ثبتُّ فيه. وأنشد: فإنْ شئتَ كانَتْ ذِمَّةُ الله بيننا *** وأعْظَمُ مِيثاقٍ وعَهْدُ جِوارِ مُوادعةً ثم انصرفْتُ ولم أدَعْ *** قَلُوصِي ولم تَأْثَرْ بسُوءِ قَرَارِ قال أبو عمرو: طريق مأثورٌ، أي حديث الأثَر. قال أبو عُبيد: إذا تخلَّص اللبَن من الزُّبد وخَلَص فهو الأُثْر. قال الأصمعيّ: هو الأُثْر بالضم. وكسَرَها يعقوبُ. والجمع الأُثُور. قال: وتصدُرُ وهي راضيةٌ جميعاً *** عَنَ امري حين آمُرُ أو أُشِيرُ وأنت مؤخَّرٌ في كلِّ أمرٍ *** تُوَارِبُكَ الجَوازِمُ والأُثُورُ تواربك أي تَهُمُّك، من الأَرَب وهي الحاجة. والجوازم: وِطابُ اللبن المملوّة. (أثف) الهمزة والثاء والفاء يدلّ على التجمُّع والثَّبات. قال الخليل: تقول تأَثَّفت بالمكان تأثُّفاً، أي أقمتُ به، وأَثَفَ القومُ يَأْثِفون أَثْفاً، إذا استأخروا وتخلَّفوا. وتأثَّف القوم اجتمعوا. قال النابغة: * ولو تأثَّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ * أي تكنَّفُوك فصاروا كالأثافيّ. والأثفيّة هي الحجارة تُنصَب عليها القِدْر، وهي أفْعُولة من ثَفّيت، يقال قِدْرٌ مُثَفّاة. ويقولون مؤثَّفة، والمُثَفّاة أعرف وَأعمّ. ومَن العرب من يقول مُؤَثْفَاةٌ بوزن مُفَعْلاة في اللفظ، وَإنما هي مُؤَفْعَلة، لأنّ أَثْفَى يُثْفَى على تقدير أفعل يُفعَل، ولكنّهم ربما تركوا ألف أفعل يُؤَفْعَل، لأنّ أفعل أخرِجت من حدّ الثلاثي بوزن الرباعي. وقد جاء: كِساءٌ مُؤَرْنَبٌ، أثبتوا الألفَ التي كانت في أرنب، وهي أفعل، فتركوا في مُؤفعل همزة. ورجل مُؤَنْمَل للغليظ الأنامل. قال: * وصالياتٍ كَكَما يُؤَثْفيْن * قال أبو عبيد: يقال الإثفيّة أيضاً بالكسرة. قال أبو حاتم: الأثافيّ كواكبُ بحيال رأس القِدْر، كأثافي القِدْر. والقِدْر أيضاً كواكبُ مستديرة. قال الفرّاء: المثفّاة سِمَةٌ على هيئة الأثافيّ*. ويقال الأثافيّ أيضاً. قال: ويقال امرأةٌ مُثَفّاة أي مات عنها ثلاثة أزواج، ورجل مثَفّىً تزوج ثلاثَ نسوة. أبو عمرو: أثَفَه يأثِفُه طلَبَه. قال:والأثِف الذي يتبع القوم، يقال مرّ يَأثِفُهم ويُثَفِّيهم، أي يتبعهم. قال أبو زيد: أثَفَه يأثِفُهُ طردَه. قال ابنُ الأعرابي: بَقِيَتْ من بني فُلانٍ أُثْفِيّةٌ خَشْناء، إذا بقي منهم عددٌ كثير وجماعة عزيزة. قال أبو عمرو: المؤثَّفُ من الرِّجال القصير العريض الكثير اللحم. وأنشد: ليس من القُرّ بمُسْتَكِينِ *** مؤَثَّفٍ بلَحْمه سَمِينِ (أثل) الهمزة والثاء واللام يدلُّ على أصْلِ الشيءِ وتجَمُّعِه.قال الخليل: الأَثْل شجرٌ يُشبه الطَّرْفاء إلا أنه أعظمُ منه وأجود عُوداً منه، تُصنَع منه الأقداحُ الجِياد. قال أبو زياد: الأثْل من العِضاهِ طُوَالٌ في السماء، لـه هدَب طُوالٌ دُقَاقٌ لا شوكَ له. والعرب تقول: "هو مُولَعٌ بنحْتِ أَثْلَتِه" أي مُولَعٌ بثَلْبِهِ وشَتْمه. قال الأعشى: ألَسْتَ مَنْتَهِياً عن نحتِ أثلتِنا *** وَلَسْتَ ضائِرَها ما أطَّتِ الإبلُ
قال الخليل: تقول أَثَّلَ فلانٌ تأثيلاً، إذا كثر مالُه وحسُنَتْ حالُه. والمتأثِّل: الذي يجمع مالاً إلى مال. وتقول أثَّل الله مُلْكَك أي عظَّمه وكثّره. قال: * أثَّلَ مُلْكاً خِنْدِفيّاً فَدْغَما * قال أبو عمرو: الأثال المَجْد أو المال. وحكاها الأصمعيّ بكسر الهمزة وضمّها وأثَلَة كلِّ شيءٍ أصلُه. وتأثّلَ فلانٌ اتخّذ أصلَ مالٍ. والمتأثِّل من فروع الشجر الأثيث. وأنشد: والأصلُ ينبُتُ فَرْعُهُ متأثِّلاً *** والكفُّ ليسَ بَنَانُها بسَواءِ قال الأصمعيّ: أثّلْتُ عليه الدُّيونَ تأثيلاً أي جمعتها عليه، وأثّلتْهُ برجال أي كثَّرْتُه بهم. قال الأخطل: أَتَشْتُمُ قوماً أثّلوكَ بنَهْشَلٍ *** ولولا همُ كنتمْ كعُكْلٍ مَوالِيَا ويقال تأثَّلْتُ للشّتاء أي تأهَّبت له. قال أبو عبيدة: أُثال اسم جبل. قال ابنُ الأعرابيّ في قوله: تُؤَثِّلُ كَعبٌ عليّ القضاءَ *** فرَبّي يُغَيِّرُ أعمالَها قال: تؤثِّلُ، أي تلزمنيه. قال ابنُ الأعرابيّ والأصمعيّ: تأثلت البئر حفرتها. قال أبو ذؤيب: وقد أرْسَلُوا فُرَّاطَهُمْ فتأثَّلُوا *** قَلِيباً سَفَاهَا كالإماءِ القَواعِدِ وهذا قياسُ الباب، لأنّ ذلك إخراج ما قد كان فيها مؤثَّلا. (أثم) الهمزة والثاء والميم تدلُّ على أصلٍ واحد، وهو البطء والتأخُّر. يقال ناقة آثِمةٌ أي متأخِّرة. قال الأعشى: * إذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرا * والإثم مشتقٌّ من ذلك، لأنَّ ذا الإثمِ بطيءٌ عن الخير متأخّر عنه. قال الخليل: أثِمَ فلانٌ وقع في الإثم، فإذا تَحَرَّج وكَفّ قيل تأثّم كما يقال، حَرِجَ وقع في الحَرج، وتحرّج تباعد عن الحَرَج. وقال أبو زيد: رجل أثيمٌ أثُومٌ. وذكر ناسٌ عن الأخفش- ولا أعلم كيف صحّتُه- أنّ الإثم الخمر، وعلى ذلك فسّر قولـه تعالى: {قُلْ إنّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثْمَ} [الأعراف 33]. وأنشد: شَرِبْتُ الإثْمَ حتّى ضَلَّ عَقْلِي *** كذاك الإثْمُ تفْعَلُ بالعُقولِ
فإنْ كان هذا صحيحاً فهو القياس لأنّها تُوقِع صاحبها في الإثم. (أثن) الهمزة والثاء والنون ليس بأصلٍ، وإنما جاءت فيه كلمةٌ من الإبدال، يقولون الأُثُن لغة في الوُثُن. ويقولون الأُثْنَة حَرَجة الطَّلْح. وقد شَرَطْنا في أوّلِ كتابنا هذا ألاّ نقيس إلاّ الكلامَ الصحيح. (أثو/ي) الهمزة والثاء والواو والياء أصلٌ واحدٌ، تختلط الواو فيه بالياء، ويقولون أثَى عليه يَأثي إثَاوَةً وإثَايَةً وأثْوًا وأثْياً، إذا نَمَّ عليه. وينشدون: * ولا أكون لكم ذا نَيْرَبٍ آثِ * والنيرب: النميمة. وقال: وإنّ امرأً يأثُو بسادةِ قَومِهِ *** حَرِيٌّ لَعَمرِي أن يُذَمَّ ويُشتَما
(أجح) الهمزة والجيم والحاء فرعٌ ليس بأصل، وذلك أنّ الهمزة فيه مبدلةٌ من واو، فالأَُِجاح: *السّتر، وأصله وَُِجَاح. وقد ذُكر في الواو. (أجد) الهمزة والجيم والدال أصل واحد، وهو الشيء المعقود، وذلك أن الإجَاد الطّاقُ الذي يُعقَد في البِناء، ولذلك قيل ناقةٌ أُجُدٌ. قال النابغة: فَعَدِّ عَمّا تَرَى إذْ لا ارتِجاعَ لـه *** وانْمِ القُتُودَ على عَيرانةٍ أُجُدِ ويقال هي مُؤْجَدة القَرَى. قال طَرَفة: صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُؤْجَدَةُ القَرَى *** بَعِيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوّارَةُ اليَدِ وقيل هي التي تكون فَقارُها عظماً واحداً بلا مَفْصِل، وهذا ممّا أجمع عليه أهل اللغة، أعني القياسَ الذي ذكرتُه. (أجر) الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمعُ بينهما بالمعنى، فالأول الكِراء على العمل، والثاني جَبْر العظم الكَسِير. فأمّا الكِراء فالأجر والأُجْرة. وكان الخليل يقول: الأجْر جزاء العمل، والفعل أجَرَ يَأجُرُ أَجْرا، والمفعول مأجور. والأجير: المستأجَر. والأَُِجَارة ما أعطيتَ مِنْ أجرٍ في عمل وقال غيره: ومن ذلك مَهر المرأة، قال الله تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء 24، الطلاق 6]. وأمَّا جَبْر العظم فيقال منه أُجِرَتْ يدُه. وناسٌ يقولون أَجَرَتْ يَدُه. فهذان الأصلان والمعنى الجامع بينهما أنّ أُجْرَة العامِل كأنَّها شيءٌ يُجْبر به حالُه فيما لحِقه من كَدٍّ فيما عمله. فأمّا الإجّار فلغةٌ شاميّة، وربّما تكلّم بها الحجازيُّون. فيروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَن باتَ على إجّارٍ ليس عليه ما يردُّ قدمَيْهِ فقد برِئَتْ منه الذِّمَّة". وإنّما لم نذكُرْها في قياسِ الباب لِمَا قلْناه أنّها ليست من كلام البادية. وناسٌ يقولون إنجْار، وذلك مما يُضعِف أمْرَها. فإنْ قال قائلٌ: فكيف هذا، وقد تكلّم بها رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قيل له ذلك كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "قومُوا فقد صَنَع جابرٌ لكم سُوراً" وسُورٌ فارسيّة، وهو العُرْس. فإن رأيتَها في شِعرٍ فسبيلُها ما قد ذكرناه. وقد أنشد أبو بكر بن دريد: * كالحبَشِ الصَّفِّ على الإجّارِ * شبّه أعناق الخيلِ بحبَشٍ صَفٍّ على إجّارٍ يُشْرِفُون. (أجص) الهمزة والجيم والصاد ليست أصلاً، لأنَّه لم يجئْ عليها إلاّ الإجّاص. ويقال إنّه ليس عربيّاً، وذلك أن الجيم تقلّ مع الصاد. (أجل) اعلم أنّ الهمزة والجيم واللام يدلُّ على خمس كلماتٍ متباينة، لا يكادُ يمكنُ حْملُ واحدةٍ على واحدة من جهة القياس، فكلُّ واحدةٍ أصلٌ في نفسها. ورَبُّكَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. فالأَجَل غاية الوقت في مَحَلِّ الدَّين وغيره. وقد صرّفه الخليلُ فقال أَجِل هذا الشّيءُ وهو يَأْجَلُ، والاسم الآجِل نقيض العاجل والأجيل المُرْجأ، أي المؤخَّر إلى وقتٍ. قال: * وغايةُ الأَجِيلِ مَهْوَاةُ الرّدَى * وقولهم "أجَلْ" في الجواب، هو من هذا الباب، كأنّه يريد انتهى وبلغ الغاية. والإجْلُ: القطيع من بقر الوحش، والجمع آجال. وقد تأجّل الصُِّوار: صار قَطِيعاً. والأجْلُ مصدر أجَلَ عليهم شَرّاً، أي جناه وبَحَثَه. قال خوّات بن جُبَير: وأهلِ خِباءٍ صَالحٍ ذاتُ بَيْنِهم *** قد احتَرَبُوا في عَاجلٍ أنا آجلُه أي جانيه. والإجْل: وَجَع في العنق، وحكي عن أبي الجرَّاح: "بي إجْلٌ فأجِّلُوني" أي داووني منه. والمأْجَلُ: شبه حوضٍ واسع يؤجَّل فيه ماءُ البئر أو القناة أيّاماً ثم يُفَجَّر في الزّرع، والجمع مآجلِ. ويقولون: أجِّلْ لنخلتك، أي اجعل لها مثلَ الحوض. فهذه هي الأصول. وبقيت كلمتان إحداهما من باب الإبدال، وهو قولهم: أجَلُوا مالَهُم يأجِلونه أجْلاً أي حبَسوه، والأصل في ذلك الزاء "أزَلُوه". ويمكن أن يكون اشتقاقُ هذا ومأجَِل الماء واحداً، لأن الماء يُحبَس فيه. والأُخرى قولهم: من أجْلِ ذلك فعلتُ كذا، وهو محمول على أجَلْت الشيء أي جنيته، فمعناه [من] أَنْ أُجِلَ كذا فَعلتُ، أي من أن جُني. فأما أَجَلَى على فَعَلَى فمكان. والأماكن أكثرها موضوعة الأسماء، غير مَقِيسة. قال: حَلَّتْ سُليمى جانبَ الجَريبِ*** بِأَجَلَى مَحَلَّةِ الغَرِيبِ
(أجم) الهمزة والجيم والميم لا يخلو من التجمُّع والشدَّة. فأما التجمُّع فالأَجَمَة، وهي مَنْبِت الشجر المتجمِّع كالغيضة، والجمع الآجام. وكذلك الأُجُم وهو الحِصْن. ومثلهُ أُطُم وآطام. وفي الحديث: "حتى توارَتْ بآجامِ المدينة". وقال امرؤ القيس: وتَيْماءَ لم يَتْرُكْ بها جِذْعَ نخلةٍ *** ولا أُجُماً إلا مَشِيداً بجَنْدَلِ
وذلك متجمّع البُنيان والأهل. وأما الشدّة فقولهم: تأجّم الحَرُّ، اشتدّ. ومنه أجَمْت الطعام مَلِلْته. ذلك أمرٌ يشتدُّ على الإنسان. (أجن) الهمزة والجيم والنون كلمةٌ واحدة. وأجَنَ الماءُ يَأْجُنُ ويَأجِنُ إذا تغيّر، وهي الفصيحة. وربما قالوا أجِنَ يَأْجَنُ، وهو أَجُونٌ. قال: * كضِفْدِعِ ماءٍ أَجونٍ يَنِقّ * فأما المِئجنة خشبة القَصَّار فقد ذكرت في الواو. والإجّانُ كلامٌ لا يكاد أهل اللّغة يحقُّونه. (أجأ) جبل لِطَيّ. وقد قلنا إنّ الأماكنَ لا تكاد تنقاس أسماؤُها. وقال شاعرٌ في أجأ: ومن أَجَأٍ حَوْلي رِعانٌ كأنَّها *** قنابِلُ خيلٍ من كُميتٍ ومن وَرْدِ.
|